تسعى المجتمعات أن تكون مدارسها
فعالة و إيجابية، بتغيير الواقع
التعليمي و السير به نحو آفاق رحبة مفعمة بالتطوير و التنمية و التقدم العلمي و
النهضة الحقيقية، وهذا لن يأتي فجأة و لا بالتمني و إنما يكون بالاستعداد للتغيير
بالعمل و التنفيذ إذ يفشل التغيير عادة
عند مرحلة التنفيذ.
هناك
تحديات هائلة تدعو إلى إعادة النظر في كل عناصر و مكونات العملية التعليمية، فيأتي
تطوير التعليم ليمكن المتعلم من التفكير العلمي و المهاري و الوجداني لمواجهة
هذه التحديات، وهذا يحتم أن تكون عملية
التطوير عملية شاملة متكاملة و متشابكة في جميع مكوناتها و مراحلها.
(أمبوسعيدي، 2004).
تعرف التكنولوجيا التعليمية بأنها أدوات
إيضاحية يتم توظيفها بهدف التدريس من قبل المعلمين، و تندرج في الكتب المدرسية و
السبورة الذكية و التلفاز و الأفلام و الحواسيب و وسائل العرض و غيرها من معدات.
(العمودي، 2013).
كما يعرف (Chou&Liu, 2005) بيئة التعلم التكنولوجية بأنها بيئة تقنية يتم تقديم المناهج
الالكترونية المتفاعلة من خلالها للطلبة؛ و أنها منظومة متكاملة و متفاعلة لتقديم
المادة التعليمية في ضوء استراتيجية محددة لتحقيق الأهداف التعليمية.
تعتبر النظرية البنائية المعرفية و النظرية
البنائية الاجتماعية من النظريات المساعدة لتصميم بيئة تعلم تكنولوجية، و تركز
النظرية البنائية المعرفية (بياجيه) على دور المتعلم في بناء المعرفة و تشكيلها،
إذ أن المتعلم هو محور العملية التعليمية عند رواد النظرية البنائية، حيث
أنهم يهتمون بأن يكتشف المتعلم المعلومات بنفسه و ذلك من خلال فلسفة هذه النظرية
المتمركزة بأربعة مراحل ( الدعوة - الاستكشاف - التفسير و اقتراح الحلول -
اتخاذ الإجراء)، و هذا لن يكون إلا باستخدام المعرفة البنائية التي تركز على
كيفية تشكيل المعاني للمفاهيم عند المتعلم و استخدامها مع الخبرات الجديدة و تنسيق
جديد عندما يتعرض للمواقف التعليمية، فالمعرفة السابقة و القدرة على التذكر و
معالجة المعلومات و الدافعية للتعلم تجعل التعليم لدى المتعلم له معنى. Chou&Liu,
2005))
أما البنائية الاجتماعية (فيجوتسكي) فهي تولي
الاهتمام لدور الثقافة و المجتمع في التنمية المعرفية للمتعلم و تؤكد على أن القوة
التي تسيطر على التنمية المعرفية خارجية، و أن المعرفة بناء تعاوني يناسب كل
الأفراد و ينسجم مع البيئة الداخلية لهم فمن خلال التفاعلات الاجتماعية يبني
المتعلم المعرفة بالتواصل مع الآخرين.
فمواجهة هذه التحديات لن يكون بالكم المعرفي
بقدر ما يكون بكيفية استخدام هذه المعرفة و تطبيقها، فالتفاعل بين هاتين النظريتين
و حاجة المتعلم لأن يتعلم المعرفة و يطبقها لحل المشكلات التي تواجهه في حياته، و
من هنا جاءت أهمية المدرسة لتعليم المتعلم المهارات و المعلومات و طرق التفكير
العلمي حتى يتمكن من فهم البيئة من حوله و حل مشكلاتها من خلال منهج علمي و
تكنولوجي سليم. (جاسم، 2009).
و يمكن للتكنولوجيا تطبيق مبادئ النظرية
البنائية المعرفية و الاجتماعية في مواقف التعليم المختلفة، كما يمكنها الربط بين
المعلومات القديمة و الحديثة و التفاعل الاجتماعي، فاستخدام المتعلم للمواقع
الاجتماعية يوفر له فرصا لإيجاد مواقف جديدة ذات معنى و وثيقة الصلة بما تعلمه، و
تساعده على التعاون مع زملائه و حل المشكلات التعليمية التي تواجههم. (صادق، 2008).
ويعتقد
أنصار البنائية أن معظم ما يتم تعلمه بالأساليب التقليدية ينتج معرفة جامدة لا
تطبق بسهولة في مواقف جديدة، كما يشجع البنائيون استخدام أدوات التكنولوجيا التي يتيحها
الإنترنت لتعزيز الاتصال بين الطلاب. (Alessi &
Trollip, 2000).
و إن تهيئة
فصول دراسية مليئة بالتقنيات التكنولوجية يعد عامل مهم لخلق بيئة تعليمية نشطة
و حيوية تحل محل التعليم الروتيني،
فالتعلم يحدث على أكمل وجه عندما تؤيده الممارسة العملية، بدلا من استرجاع
المعلومات عن ظهر قلب، أي أن ننشأ تعليم يرتفع من مستوى الحفظ و التلقين إلى مستوى
التطبيق و الممارسة، فاستخدام الشبكات البنائية يساعد المتعلم على القدرة على
التصنيف و التعرف على الأخطاء التعليمية و البديلة لها و يساعد على ترتيب الأفكار
بشكل منطقي، كما يساعد المتعلم على الاستنتاج و الاستدلال لمستويات مختلفة من
المعلومات، و تساعد المعلم على تشخيص صعوبات التعلم لدى الطلبة، كما تساعده على كشف التعلم الاستظهاري
للمتعلم أي أن المعلم يستطيع أن يحدد و يعلم من تعلم بالفعل ممن لم يتعلم أو لم
يفهم. (أمبوسعيدي، 2004).
فاستخدام
المعلم لعروض الأفلام و الشرائح و الوسائط المتعددة لم يعد كافي اليوم، بل عليه
استخدام أجهزة الكترونية حديثة و متطورة و تقنيات الإتصال الشبكي و الاجتماعي
(وسائل التواصل الاجتماعي التكنولوجية) للتواصل بين المعلم و الطلاب بشكل جديد و
سريع و غير مسبوق، حيث تمكن المعلمين من حفظها على أجهزتهم الشخصية و استخدامها
عند الحاجة إليها، كما تمكنهم من تبادل الأفكار و المعلومات و الاستفادة من تجارب الآخرين
و خبرات البعض للإرتقاء بمستوى التعليم، كما يمكن استخدام برامج الرسوم لإثراء
العملية التعليمية و تكون الرسوم من عمل المعلمين و الطلاب للتعبير عن أفكارهم أو
حل بعض المشكلات أو وضع تخطيط بشكل رسوم مبسطة، فكل ذلك يجعل دور التكنولوجيا في إثراء
العملية التعليمية كبير جدا و غير محدود. (صادق،
2008).
(((صورة)))
و هناك
العديد من المدارس التي استخدمت مبدأ البنائية في تصميم بيئة تعلم جيدة مع تطبيقها
و دمجها مع النظرية البنائية الاجتماعية، مثل المدرسة المفتوحة في الدنمارك و صممت
هذه المدرسة بشكل مفتوح بدون فصول و بدون أسوار، و كانت الفكرة الأساسية من
هذا التصميم أنها لا تحجم و لا تقيد الطلبة في فصل، و تعطيهم الحرية في التحرك، و
لا يوجد سور يفصل بين المدرسة و المجتمع و ذلك لأنهم وصلوا إلى درجة من الوعي و
المسئولية و الأمان و التفاهم و الاندماج بين النظام التعليمي و الحياة الاجتماعية
العامة، حيث خلقت هذه المدرسة شعور بالانتماء داخل الطلبة لدرجة أنهم لن يفكروا
بالهرب رغم قدرتهم عليه. (موقع إخوة مواطنون في الدانمارك).
و في هذه
المدرسة يضع الطالب خطته الخاصة و يلعب المعلم دور مستشار للطالب ليساعده للوصول إلى أهدافه، فهذا
تغيير لدور المعلم مقارنة بالمدرسة التقليدية، فالتعليم في هذه المدرسة أكثر
إنفرادية حيث يجتمع المعلم في بداية الحصة مع الطلبة لمدة 5 دقائق ليكلفهم بمهمة
ثم ينتشرون للقيام بها لوحدهم أو كمجموعات، و لا يوجد أي نوع من العقوبات (لو
أساء طالب التصرف تكون عقوبته الذهاب إلى المنزل لمدة يوم)، و يعتبر طابور
الصباح و الرياضة عملية حرة، و مهمات التنظيف و الترتيب يقوم بها الطلبة بشكل دوري
طوال العام لإكسابهم مهارة الاعتماد على النفس و التواضع.
و تعزز
هذه المدرسة تطور التلاميذ الشخصي و تحفز الخيال الذي يمتلكونه و تقوي رغبتهم في
التعلم و تعلمهم التعبير عن وجهات نظرهم الخاصة. كما أنها تحسن قدرة التلاميذ على
اتخاذ القرارات المهمة و يتم تقييم جهود التلميذ المبذولة بالسنوات الدراسية
الأولى شفهيا بالتشاور ما بين المعلمين و الأبويين.
و لفهم طبيعة هذه المدرسة أكثر يمكنكم مشاهدة هذا
الرابط:
http://www.youtube.com/watch?v=BqoBW-kgids
و يؤكد (Miller & Miller,
1999) على أن أهداف التعلم عبر البيئة التكنولوجية من النظرية البنائية
تتمثل في: تقديم المهمة التعليمية في سياق قابل للتطبيق. توفير فرص للمتعلمين
لبناء المعرفة بطريقة تعاونية قائمة على وجهات النظر المتعددة، من خلال المناقشة
والتفكير. توفير فرص للمتعلمين لتوضيح تفكيرهم وتعديله؛ لضمان بنية معرفية دقيقة. خلق
فرص للمعلمين لكي يدربوا وييسروا بناء معرفة الطالب. 1999) Miller & Miller).
كما أن هناك ثلاثة مبادئ أساسية للاستخدام
الفعال في البيئة التكنولوجية في التعلم
البنائي و هي: توفير الوصول إلى المصادر الغنية بالمعلومات. التشجيع على التفاعل
ذي المعنى مع المحتوى. إحضار المتعلمين معاً ليواجهوا ويدعموا ويجيبوا بعضهم
البعض. (Wilson & Lowry, 2000)
و
لتصميم بيئة تعليمية هناك عدة مراحل:
(((صورة)))
(((صورة)))
